تقنيات القراءة السريعة الفعّالة

مقال عن “مهارات القراءة السريعة” لجوبيس تيرلي

مقدمة:

تعتبر القراءة من أقدم وأهم المهارات التي اكتسبها الإنسان في حياته. فبفضلها، يمكن للإنسان الوصول إلى المعرفة وتوسيع آفاقه. ومع تطور الحياة العصرية، ظهرت الحاجة الماسة إلى تحسين هذه المهارة لتواكب متطلبات العصر السريع الذي نعيش فيه. من هنا جاءت فكرة “القراءة السريعة”، التي تتيح للأفراد قراءة كميات أكبر من النصوص في وقت أقل، مما يساعدهم على التفاعل بشكل أسرع مع المعلومات التي تتدفق عليهم يومياً.

كتاب “مهارات القراءة السريعة” للكاتب جوبيس تيرلي يقدم مجموعة من الأدوات والتمارين التي تهدف إلى تعزيز مهارة القراءة السريعة وتحسين قدرة القارئ على استيعاب أكبر قدر ممكن من المعلومات في وقت قصير. في هذا المقال، سنتناول أهم النقاط التي تطرق إليها تيرلي في كتابه وكيف يمكن تطبيقها على الحياة اليومية.

مفهوم القراءة السريعة:

القراءة السريعة ليست مجرد طريقة للقراءة بسرعة فحسب، بل هي عملية شاملة تتضمن تحسين الفهم والاستيعاب، بالإضافة إلى القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات. يتطرق تيرلي في كتابه إلى أن الهدف من القراءة السريعة هو تحسين فعالية القراءة وليس مجرد زيادة السرعة بشكل عشوائي. فكلما تعلم الشخص كيفية القراءة بسرعة دون التضحية بالفهم، كلما استطاع توظيف هذه المهارة في حياته المهنية والشخصية بشكل أفضل.

أهمية القراءة السريعة في العصر الحديث:

في عصر يتسم بالتدفق المستمر للمعلومات عبر الإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة، أصبح من الضروري أن يتقن الأفراد مهارات القراءة السريعة. فالتحديات التي يواجهها القارئ اليوم تتضمن:

• تعدد مصادر المعلومات: تتوفر مصادر لا حصر لها من المعلومات على الإنترنت، من مقالات وأخبار وكتب ودراسات، ما يجعل من الصعب متابعة كل شيء.

• ضيق الوقت: في ظل ضغوط العمل والحياة اليومية، لا يملك الكثير من الأشخاص الوقت الكافي للقراءة بالشكل التقليدي.

• التنقل بين المواضيع: يتطلب الأمر من الفرد أن يكون قادرًا على التنقل بسرعة بين المواضيع المختلفة وأن يستوعب المعلومات الأساسية التي يحتاج إليها.

من هنا تأتي أهمية القراءة السريعة كأداة تسهم في معالجة هذه التحديات.

التقنيات الأساسية للقراءة السريعة:

يستعرض جوبيس تيرلي في كتابه عدة تقنيات أساسية يمكن أن تساعد القارئ في تحسين قدراته في القراءة السريعة. من أبرز هذه التقنيات:

1. التخلص من التشتت:
   أحد أهم أسباب بطء القراءة هو تشتت الذهن أثناء القراءة. يقترح تيرلي أن على القارئ أن يتخلص من العوامل التي تشتت انتباهه مثل الأجهزة الإلكترونية أو الضوضاء. يمكن تحسين التركيز من خلال تخصيص وقت معين للقراءة في بيئة هادئة.

2. استخدام العينين بشكل فعال:
   تشرح القراءة السريعة كيفية استغلال حركة العينين بشكل أمثل. بدلاً من العودة مرارًا وتكرارًا إلى الكلمات السابقة، ينصح تيرلي بالتركيز على قراءة الكلمات التالية من دون الرجوع إلى الوراء، مما يساعد في تسريع عملية القراءة.

3. المسح البصري (Skimming) والقراءة الانتقائية:
   تقنيات المسح البصري والقراءة الانتقائية تعتبر من الأدوات الأساسية للقراءة السريعة. هذه التقنيات تعتمد على قراءة العناوين والموضوعات الفرعية والعبارات المفتاحية لاستخلاص الفكرة الرئيسية للنص دون الحاجة إلى قراءة كل كلمة.

4. التمارين البصرية:
   تيرلي يشير إلى أن تحسين قدرة العينين على تحريكها بسرعة أكبر يساعد في زيادة سرعة القراءة. هناك تمارين يمكن للقارئ أن يمارسها بانتظام، مثل تتبع الكلمات بسرعة أو تمرين التركيز على النصوص أثناء القراءة المتواصلة.

5. تقليل الصوت الداخلي (Subvocalization):
   الصوت الداخلي هو أن تقرأ الكلمات في ذهنك كما لو كنت تقرأها بصوت مرتفع. هذه العادة يمكن أن تبطئ من سرعة القراءة بشكل كبير. من خلال تقنيات معينة، مثل توجيه الانتباه إلى رؤية الكلمات بدلاً من سماعها في ذهنك، يمكن للقارئ تقليل الصوت الداخلي وزيادة سرعته.

6. التدريب المستمر:
   ينصح تيرلي أن القراءة السريعة ليست مهارة يمكن إتقانها بين عشية وضحاها، بل تتطلب ممارسة مستمرة. فكلما تدرب الفرد على تقنيات القراءة السريعة، كلما زادت سرعته وقدرته على استيعاب المعلومات.

تحليل الكتاب والتطبيقات العملية:

عند تحليل كتاب تيرلي بشكل دقيق، نجد أنه يقدم استراتيجيات عملية يمكن لأي شخص تبنيها بسهولة. تيرلي لا يقدم فقط النظرية حول القراءة السريعة، بل يضع بين يدي القارئ تمارين عملية لتحسين هذه المهارة. هذه التمارين لا تقتصر على التمرين البصري فحسب، بل تشمل تمارين لزيادة التركيز وتقنيات لفهم النصوص بشكل أسرع.

من أهم الفوائد التي يقدمها الكتاب هي تحسين فعالية التعلم. من خلال التدريب على القراءة السريعة، يمكن للطلاب والمحترفين على حد سواء أن يحققوا تقدمًا ملحوظًا في قدرتهم على التعلم بسرعة وفعالية.

التحسين المستمر:

واحدة من الرسائل المهمة التي يروج لها تيرلي في كتابه هي أن القراءة السريعة لا تقتصر على مجرد تعلم تقنيات جديدة، بل تتطلب التحسين المستمر. فالقارئ يجب أن يكون مستعدًا لمواصلة تحسين مهاراته على مدار الوقت. يتطلب هذا الممارسة المنتظمة واختيار النصوص المناسبة التي تساعد في تحسين القدرات.

فوائد القراءة السريعة:

1. زيادة الإنتاجية:
   تساعد القراءة السريعة في تحسين الإنتاجية من خلال تقليل الوقت المستغرق في قراءة النصوص الطويلة.

2. تحسين الذاكرة والفهم:
   القراءة السريعة لا تعني فقط السرعة، بل تعني أيضًا تعزيز قدرة القارئ على تذكر واستيعاب المعلومات بشكل أفضل.

3. التعامل مع الكميات الكبيرة من المعلومات:
   يمكن للقارئ السريع التعامل مع كميات كبيرة من المعلومات التي يتم تقديمها يوميًا في عالمنا المعاصر.

4. الاستفادة من الوقت:
   من خلال القراءة السريعة، يصبح القارئ قادرًا على استغلال وقته بشكل أكثر فعالية، مما يساعده في تحقيق أهدافه الشخصية والمهنية.

خاتمة:

في النهاية، يمكن القول أن كتاب “مهارات القراءة السريعة” للكاتب جوبيس تيرلي يقدم مفاتيح فعالة لتحسين مهارات القراءة. من خلال تطبيق التقنيات التي قدمها، يمكن للقارئ أن يرفع من قدراته على القراءة السريعة وزيادة استيعابه للمعلومات، مما يساهم بشكل مباشر في تحسين فعاليته في الحياة اليومية والمهنية.